في خطوة رائدة، تستعد شركة الاتصالات السعودية (STC)، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة التابع لـ حكومة المملكة العربية السعودية، لإحداث ثورة في مشهد الاتصالات الأوروبية من خلال استثمار مذهل بقيمة 2.5 مليار دولار في شركة Telefonica SA الإسبانية الشهيرة. يمثل هذا الاستثمار الجريء أحدث فصل في القصة المثيرة لثروة الشرق الأوسط التي تترك بصمتها التي لا تمحى على أصول الاتصالات الحيوية في أوروبا.
صندوق الاستثمارات العامة ورسم جديد للهيمنة على الاتصالات العالمية
لقد أحدثت الشراكة الوشيكة بين STC و Telefonica تأثيرات في جميع أنحاء الصناعة، مما أثار الإعجاب والتساؤلات في نفس ذات الوقت. ومع تبلور هذا التحالف الاستراتيجي، فإنه لن يعيد تشكيل قطاع الاتصالات فحسب، بل من المحتمل أيضًا أن يجذب انتباه الحكومات والجهات الفاعلة في الصناعة على حد سواء. وتحظى الحكومة الإسبانية، على وجه الخصوص، بتقدير كبير لشركة Telefonica، حيث تعترف بها كشركة ذات أهمية استراتيجية. إن التعاون المحتمل بين STC وTelefonica يضع اثنين من أكبر عمالقة الاتصالات في أوروبا مع شركات خليجية مدعومة من الدولة كمساهمين رئيسيين.
ويأتي هذا التطور التحويلي في أعقاب ظهور مجموعة الإمارات للاتصالات في أبو ظبي كأكبر مساهم في Vodafone Group Plc، وهو دليل على النفوذ المتصاعد للكيانات التي تتخذ من الخليج مقراً لها في مجال الاتصالات الأوروبي. وقد تم تكليف شركة اتصالات الإمارات، بتوجيه من المساهم الرئيسي فيها، حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، بمتابعة الفرص الاستراتيجية في جميع أنحاء العالم. وفي هذا العام، أبرمت صفقة بقيمة 2.15 مليار يورو (2.3 مليار دولار) لتأمين حصة قيادية في أصول الخدمات والبنية التحتية لمجموعة PPF Telecom في جميع أنحاء أوروبا الشرقية.
صندوق مبادلة للاستثمار وسيطرة خليجية
تمثل شركة الاتصالات السعودية واتصالات الإمارات سلالة جديدة من الشركات المدعومة حكومياً في منطقة الخليج والتي تستعرض قوتها المالية على الساحة الدولية. تعمل هذه الكيانات ذات الرؤية المستقبلية على تنويع محافظها الاستثمارية، والاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الرياضة وألعاب الكمبيوتر والتعدين والرعاية الصحية. وتؤكد مشاركتهم في قطاع الاتصالات الأوروبي على السرد المقنع المتمثل في جاذبية أصول الاتصالات الأوروبية بتقييماتها المنخفضة نسبياً.
وفقًا لجيمس راتزر، المحلل المتميز في شركة New Street Research، يعكس هذا الاتجاه تناقضًا في التقييم بين مستثمري السوق العامة، الذين غالبًا ما تكون لديهم آفاق استثمارية أقصر، ومستثمري رأس المال الخاص الذين هم على استعداد للقيام بمراهنات طويلة الأجل على إمكانية إجراء تحسينات تنظيمية. وتعزيز التدفقات النقدية.
قانون التوازن ما بين الملكية والسيطرة
أوضحت شركة الاتصالات السعودية أنها لا تنوي السيطرة الكاملة أو الحصول على حصة أغلبية في شركة Telefonica. وتتمتع إسبانيا، التي تتمتع بإحساس قوي بمصالح الأمن القومي والدفاع، بسلطة منع عمليات الاستحواذ على حصص تتجاوز 5% للشركات التي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية. ومن المؤكد أن شركة Telefonica تقع ضمن هذه الفئة، حيث تم تحديد حد موافقة حكومية إضافي بنسبة 10%.
شركة الاتصالات السعودية، باعتبارها مشغل الاتصالات الرائد في المملكة العربية السعودية – وهي مجموعة ضخمة تبلغ قيمتها 52 مليار دولار، أي أكثر من ضعف حجم شركة تليفونيكا – تتعاون مع اتصالات الإمارات، وهي شركة تابعة لحكومة الامارات العربية المتحدة. وقد تُرجمت الهيمنة التاريخية لهذه الشركات على أسواقها المحلية إلى أرباح كبيرة، مما دفعها إلى الانطلاق في رحلة التوسع العالمي.
عام من المشاريع الأوروبية الجريئة
وتمثل صفقة Telefonica ثاني غزو لشركة الاتصالات السعودية لأوروبا هذا العام، بعد استحواذها على محفظة أصول الأبراج من United Group مقابل مبلغ مذهل قدره 1.3 مليار دولار في أبريل. ومن الجدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة، المساهم الأكبر في شركة الاتصالات السعودية، لعب دورًا محوريًا في الاستحواذ على وحدة أبراج فودافون في عام 2022، مما عزز وجود الخليج في مشهد البنية التحتية للاتصالات في أوروبا.
وعبر الخليج، في أبو ظبي، استثمر صندوق الثروة السيادية صندوق مبادلة للاستثمار بشكل نشط في شركة البنية التحتية للاتصالات في المملكة المتحدة، CityFibre، واستحوذ على حصة في مشغل شبكة الألياف التابع لشركة EQT AB. وفي الوقت نفسه، يستكشف جهاز أبو ظبي للاستثمار حاليًا فرص التعاون مع شركة KKR & Co. في عرضها بقيمة 23 مليار يورو لشراء شبكة الخطوط الأرضية التابعة لشركة Telecom Italia SpA.
خلاصة المقالة
وفي الختام، فإن الشراكة الوشيكة بين شركة الاتصالات السعودية وتليفونيكا تمثل لحظة محورية في تطور صناعة الاتصالات الأوروبية. ومع تأكيد الشركات التي تتخذ من الخليج مقراً لها على نحو متزايد نفوذها على الساحة العالمية، فإننا نشهد ظهور حقبة جديدة، حقبة تحددها الاستثمارات الاستراتيجية، والشراكات الحكيمة، والسعي الثابت لتحقيق التميز في قطاع الاتصالات.
بفضل مجموعة أصولها المتنوعة ودعمها المالي الكبير من قبل صندوق الاستثمارات العامة، تستعد شركة الاتصالات السعودية لبدء فصل تحولي في مشهد الاتصالات الأوروبي، وتعزيز الاتصال والابتكار والمنافسة في المنطقة. إن التعاون بين عمالقة الصناعة هؤلاء هو بمثابة شهادة على القوة الدائمة للابتكار والعولمة في تشكيل مستقبل الاتصالات، وهي شراكة تعد بتقديم قيمة كبيرة لكل من الشركات وأصحاب المصلحة.
وبينما نبدأ هذه الرحلة المثيرة نحو مستقبل الاتصالات، يبقى السؤال: ما هي التطورات الرائدة التي سيكشف عنها الفصل التالي، وكيف ستعيد تشكيل عالمنا المتصل؟ الوقت وحده هو الذي سيحدد ذلك، ولكن هناك شيء واحد مؤكد – وهو أن مستقبل صناعة الاتصالات يبدو أكثر إشراقًا وديناميكية من أي وقت مضى.