صندوق الاستثمارات السعودي | تستعد المملكة العربية السعودية، وهي لاعب محوري في الاقتصاد العالمي، للشروع في رحلة مالية مليئة بالأحداث في عام 2024. وبينما تتصارع المملكة مع المد الاقتصادي المتغير ومبادرات التنويع الطموحة، فإننا نتعمق في تفاصيل عجزها المتوقع البالغ 21 مليار دولار، الدافع للتوسع الاقتصادي، والاستراتيجيات المعمول بها للحفاظ على النمو في مشهد سريع التطور.
في تحول غير متوقع للأحداث، تتوقع المملكة العربية السعودية عجزًا في الميزانية قدره 21 مليار دولار لعام 2024. ويشير هذا الابتعاد الصارخ عن توقعات الفائض السابقة إلى رغبة المملكة في الاستثمار والتكيف مع التحديات الناشئة. ويأتي هذا التعديل استجابة لزيادة الإنفاق الحكومي والتقلبات المحيطة بأسواق النفط العالمية وبالتالي التنويع في استثمارات السعودية.
علاوة على ذلك، قامت وزارة المالية بمراجعة توقعاتها السابقة للفوائض السنوية حتى عام 2025، وتتوقع الآن العجز حتى عام 2026 على الأقل. ويظهر هذا التحول في استراتيجية استثمارات السعودية المالية التزام المملكة العربية السعودية بالشفافية المالية والمرونة في مواجهة حالات عدم اليقين.
مرونة استثمارات السعودية الاقتصادية في مشهد متغير
وعلى الرغم من هذه التعديلات المالية، من المتوقع أن يتجنب اقتصاد المملكة العربية السعودية البالغ حجمه 1.1 تريليون دولار الانكماش في العام الحالي، وفقًا لتوقعات وزارة المالية. وهذه المرونة جديرة بالملاحظة بشكل خاص عند مقارنتها بتوقعات بلومبرج إيكونوميكس بأن تخفيض الحكومة السعودية لإمدادات النفط قد يؤدي إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 0.7٪ تقريبًا هذا العام، وهو تحول كبير من كونها الدولة الأسرع نموًا في مجموعة العشرين (G20) في العالم 2022.

ومن ناحية أخرى، تسعى المملكة العربية السعودية بقوة إلى بذل جهود التنويع لتقليل اعتمادها على عائدات النفط. وتشمل استراتيجية التنويع هذه رعاية صناعات محلية جديدة مثل تصنيع السيارات الكهربائية والسياحة والخدمات اللوجستية. ورغم أن هذه المشاريع واعدة، فإنها تنطوي على نفقات كبيرة، مما يشكل ضغطا على الموارد المالية الحكومية. ومع ذلك، يُنظر إليها أيضًا على أنها خطوات حاسمة نحو مستقبل اقتصادي أكثر استدامة ومرونة.
تداول السعودية وقطاع غير نفطي مستقر
وفي خضم التقلبات الاقتصادية، يظل القطاع غير النفطي في المملكة العربية السعودية (استثمارات السعودية الخارجية والداخلية) دعامة للاستقرار. وتشير توقعات عام 2024 إلى خطة إنفاق قوية بقيمة 1.25 تريليون ريال، أي ما يعادل 333 مليار دولار، بزيادة قدرها 10% مقارنة بالعام السابق. وفي حين أن هذه التقديرات أقل قليلاً من تقديرات عام 2023، فمن المهم ملاحظة أن الحكومة تتجاوز في كثير من الأحيان أهداف الإنفاق الخاصة بها.
وفي ضوء التحديات العالمية مثل التضخم وتعطل سلسلة التوريد، تلتزم المملكة العربية السعودية بتوسيع الإنفاق الحكومي بشكل استراتيجي، مع التركيز على المبادرات التي لها تأثير تحويلي. وقد تم التأكيد على هذا النهج في البيان الأولي للموازنة، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على الاستدامة المالية على المدى المتوسط والطويل.
صندوق الاستثمارات السعودي ومعالجة تحديات الايرادات
تتوقع السعودية أن تصل إيرادات العام المقبل إلى 1.18 تريليون ريال، بانخفاض طفيف عن العام الحالي. ويعزى هذا الانخفاض إلى ما تسميه الحكومة “تقديرات متحفظة للإيرادات النفطية وغير النفطية”. وهو يعكس حالة عدم اليقين المستمرة المحيطة بالطلب العالمي على النفط، والتي تضخمت بسبب المخاوف بشأن الركود المحتمل في الولايات المتحدة والبيانات الاقتصادية غير المشجعة من الصين.
ونتيجة لذلك، تستعد المملكة لمواجهة عجز قدره 79 مليار ريال في عام 2024، أي ما يعادل 1.9% تقريباً من ناتجها الاقتصادي. وبينما من المتوقع أن يبلغ العجز هذا العام 82 مليار ريال، أو حوالي 2% من الناتج الاقتصادي، فإن التوقعات للمستقبل تظل متفائلة. ويشير معدل النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 4.4% في العام المقبل إلى مرونة الاقتصاد السعودي وقدرته على التكيف.
الاستفادة من أسعار النفط الخام لتحقيق النمو
أتاحت الزيادات الأخيرة في أسعار النفط الخام للمملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، فرصة ثمينة. ولا يؤدي هذا الارتفاع في أسعار النفط إلى تخفيف تأثير الإنفاق الحكومي فحسب، بل يغذي أيضًا النمو في القطاع غير النفطي، وهو المحرك الرئيسي لخلق فرص العمل في المملكة.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من أجل التنويع، لا يزال النفط والبتروكيماويات يلعبان دورًا محوريًا، حيث يمثلان حوالي 90٪ من صادرات المملكة العربية السعودية. ويضمن هذا التركيز المزدوج على التنويع وقطاع الطاقة اتباع نهج متوازن ومستدام للنمو الاقتصادي.

الحفاظ على الديون المستدامة
وفي الوقت الذي تبحر فيه المملكة العربية السعودية في هذا المشهد المالي المعقد، فإنها تتصدى للتحدي المتمثل في محفظة ديونها المتنامية. ويؤكد البيان الأولي التزام المملكة بإدارة الدين بشكل مستدام. وفي عام 2023، برزت المملكة العربية السعودية كواحدة من أكثر مصدري السندات نشاطًا في الأسواق الناشئة، وهو دليل على نهجها الاستباقي في الإدارة المالية.
خلاصة المقالة
وفي الختام، تقف المملكة العربية السعودية متمثلة في صندوق الاستثمارات السعودي في طليعة التحول الاقتصادي، ومستعدة لاغتنام الفرص ومواجهة التحديات بمرونة وبعد نظر. إن الالتزام بتنويع الاقتصاد ودعم القطاع غير النفطي وضمان الاستدامة المالية يؤكد تصميم المملكة على تشكيل مستقبل مزدهر ومستدام. ومع استمرار تطور الديناميكيات الاقتصادية العالمية، تظل المملكة العربية السعودية منارة للقدرة على التكيف والقوة في الشرق الأوسط وخارجه.